كانت الأجواء رائعة والليل يرخي سدوله على الرياض، في ليلة من ليالي نوفمبر الساحرة حينما خرج نايف من منزله في التاسعة مساءً وهو يفكر بطفله الذي يعاني حمى طارئة، غير أن هناك أمراً آخر كان يشغل ذهنه وهو ينطلق إلى سهرةٍ مختلفة تمتد حتى الشروق.
تأكد الأب من إحكام غطاء كوب قهوته الكوستاريكية الخاصة، وربط حزام الأمان متجهاً إلى المركز الإقليمي للمراقبة الجوية في مطار الملك خالد، حينما وصل كانت الساعة تشير إلى العاشرة إلا ثلث.
لم يكن الوحيد؛ فقد جاء في نفس التوقيت 22 مراقباً جوياً دلفوا إلى صالة العمليات مثل فريق يدخل الميدان، لكن مباراتهم مدتها 8 ساعات وملعبهم الفضاء؛ حيث لا مجال على الإطلاق لمخالفةٍ عابرة أو تمريرةٍ خاطئة.
أخذ المراقبون الجويون مواقعهم.. مقاعدهم على الأرض وقلوبهم على السماء، وكان من نصيب نايف العملُ في الجزء الشمالي من الأجواء السعودية، وبينما هو يلملم أفكاره على الكرسي الدافئ؛ كانت سحابة نشطة تمتد بين تبوك وعرعر باتجاه الجنوب الشرقي، على ارتفاعات شاهقة.
أدرك نايف من طلبات الطيارين المتلاحقة، أن هذا الحزام الركامي سوف يؤثر على سلاسة الحركة الجوية مما يضطر الطائرات لتغيير اتجاهاتها وارتفاعاتها؛ الأمر الذي يتطلب تركيزاً أدق وتفكيراً أعمق.
طبعاً؛ لا يعلم المسافرون على رحلة الخطوط الأردنية المتجهة من عمّان إلى بانكوك شيئاً عن الجهد الذي بذله المراقب الجوي لتوفير ارتفاع آمن وهم في سماء القريات، ولا يعرف ركاب الخطوط المصرية القادمة من أبوظبي إلى للقاهرة شيئاً عن المناورات الطويلة التي قام بها طاقم القيادة للالتفاف حول السحب، ولا الجهد الذهني الذي قام به المراقب الجوي مع الكثير من الكلام الذي لا يشبه الكلام.
الأمر نفسه ينطبق على ركاب طائرة الخطوط الإماراتية المتجهة من سرقسطة إلى دبي، والمغربية المتجهة من الدوحة إلى كازا، وغيرها الكثير من الطائرات التي تذرع السماء بين مدن الأرض.
لا يتخيل أحد التفاصيل المجهدة لسهرةٍ صاخبة مع سحابة بعيدة، ولا يدرك معظم الناس معنى أن تكون مراقباً جوّياً تجلس في الرياض وتتحدث مع طيارين ينتمون لدول كثيرة وهم فوق السحاب يعبرون أجواء رفحاء والجوف وطريف حتى البحر الأحمر، مستشعراً الدور الهام ضمن منظومة الطيران التي تعمل على تأمين سلامة المسافرين.
مواقف يومية لا تنتهي، وقصص متكررة متجددة، يظل معها الالتزام بالسلامة مبدأ لا يمكن السهو عنه ولو لحظة.
ينتهي دوام نايف عند السادسة صباحاً ويعود إلى منزله والشمس تُغازل الأفق؛ حيث تنتظره تفاصيل أخرى مع سحابة أمل بأن يمُن الله على صغيره بالشفاء.
تأكد الأب من إحكام غطاء كوب قهوته الكوستاريكية الخاصة، وربط حزام الأمان متجهاً إلى المركز الإقليمي للمراقبة الجوية في مطار الملك خالد، حينما وصل كانت الساعة تشير إلى العاشرة إلا ثلث.
لم يكن الوحيد؛ فقد جاء في نفس التوقيت 22 مراقباً جوياً دلفوا إلى صالة العمليات مثل فريق يدخل الميدان، لكن مباراتهم مدتها 8 ساعات وملعبهم الفضاء؛ حيث لا مجال على الإطلاق لمخالفةٍ عابرة أو تمريرةٍ خاطئة.
أخذ المراقبون الجويون مواقعهم.. مقاعدهم على الأرض وقلوبهم على السماء، وكان من نصيب نايف العملُ في الجزء الشمالي من الأجواء السعودية، وبينما هو يلملم أفكاره على الكرسي الدافئ؛ كانت سحابة نشطة تمتد بين تبوك وعرعر باتجاه الجنوب الشرقي، على ارتفاعات شاهقة.
أدرك نايف من طلبات الطيارين المتلاحقة، أن هذا الحزام الركامي سوف يؤثر على سلاسة الحركة الجوية مما يضطر الطائرات لتغيير اتجاهاتها وارتفاعاتها؛ الأمر الذي يتطلب تركيزاً أدق وتفكيراً أعمق.
طبعاً؛ لا يعلم المسافرون على رحلة الخطوط الأردنية المتجهة من عمّان إلى بانكوك شيئاً عن الجهد الذي بذله المراقب الجوي لتوفير ارتفاع آمن وهم في سماء القريات، ولا يعرف ركاب الخطوط المصرية القادمة من أبوظبي إلى للقاهرة شيئاً عن المناورات الطويلة التي قام بها طاقم القيادة للالتفاف حول السحب، ولا الجهد الذهني الذي قام به المراقب الجوي مع الكثير من الكلام الذي لا يشبه الكلام.
الأمر نفسه ينطبق على ركاب طائرة الخطوط الإماراتية المتجهة من سرقسطة إلى دبي، والمغربية المتجهة من الدوحة إلى كازا، وغيرها الكثير من الطائرات التي تذرع السماء بين مدن الأرض.
لا يتخيل أحد التفاصيل المجهدة لسهرةٍ صاخبة مع سحابة بعيدة، ولا يدرك معظم الناس معنى أن تكون مراقباً جوّياً تجلس في الرياض وتتحدث مع طيارين ينتمون لدول كثيرة وهم فوق السحاب يعبرون أجواء رفحاء والجوف وطريف حتى البحر الأحمر، مستشعراً الدور الهام ضمن منظومة الطيران التي تعمل على تأمين سلامة المسافرين.
مواقف يومية لا تنتهي، وقصص متكررة متجددة، يظل معها الالتزام بالسلامة مبدأ لا يمكن السهو عنه ولو لحظة.
ينتهي دوام نايف عند السادسة صباحاً ويعود إلى منزله والشمس تُغازل الأفق؛ حيث تنتظره تفاصيل أخرى مع سحابة أمل بأن يمُن الله على صغيره بالشفاء.